icon
التغطية الحية

أزمتان مزدوجتان.. سوريا بحاجة لما هو أكبر من المساعدات الإنسانية

2023.03.07 | 14:51 دمشق

االدفاع المدني وهو يبحث عن ناجين بين الركام بعد الزلزال في مدينة حارم التابعة لمحافظة إدلب
االدفاع المدني وهو يبحث عن ناجين بين الركام بعد الزلزال في مدينة حارم التابعة لمحافظة إدلب
The Hill - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

يصادف هذا الشهر الذكرى الثانية عشرة للحرب السورية التي قتل بسببها الآلاف من الناس وتشرد الملايين غيرهم.

ولكن خلال الشهر الماضي، ضرب أسوأ زلزال في التاريخ الحديث تلك المنطقة، فقتل حتى الآن الآلاف من الناس في سوريا وجارتها تركيا، وشرد نحو 1.5 مليون نسمة في تركيا وأكثر من خمسة ملايين في سوريا، بيد أن حصيلة الزلزال في سوريا لا يمكن لأحد أن يتخيلها بعد مرور اثنتي عشرة سنة على المعاناة.

بدأت العناوين الرئيسية حول الزلزال في الصحف الأجنبية تخفت رويداً رويداً، إذ عرضت محطة بي بي سي في عناوينها الرئيسية خبراً عن كلب تم إنقاذه بعد مرور 23 يوماً على بقائه تحت الأنقاض، وفي الوقت الذي قد يُسعد فيه هذا الخبر كثيرين، نتذكر بأن الشعب السوري مايزال يتمنى أن يركز إعلام العالم على الاستجابة الدولية لمنع خسارة المزيد من أرواح البشر في المنطقة. ويمكن للرئيس جو بايدن على وجه الخصوص اتخاذ خطوات معينة لضمان تحقيق نتائج أفضل بالنسبة للناس على الأرض، إذ يحتاج الشعب السوري منه أن يبدي المزيد من الشجاعة والجرأة التي أبداها عندما تسلل إلى أوكرانيا على متن قطار بين ليلة وضحاها في شهر شباط الماضي، وإلا فإن الأسوأ قادم وسيحدث ما لن تحمد عقباه.

بالحديث إلى شخص يعيش في الشمال السوري ذكر هذا الشخص أن الناس عندما يسمعون بوفاة شخص يقولون عادة: "الله يرحمه" ولكن في سوريا لم يعد أحد يستخدم تلك العبارة على الإطلاق، بل صاروا يقولون: "لقد ارتاح من هذه الحياة"، وفي ذلك تعبير واضح عن مدى صعوبة العيش هناك في الزمن الراهن، ولذلك لا ينبغي لأحد في المجتمع الدولي أن يقبل بهذا الواقع.

لقد خسر الشعب السوري الكثير من الأهل والأصدقاء، حتى من يعيشون في المغترب خسروا كثيرين من أهلهم ورفاق دربهم، إذ يعيش في تركيا نحو 3.6 ملايين لاجئ سوري منذ بداية الحرب السورية، ولهذا توفي الكثير من السوريين في الزلزال، سواء أكانوا لاجئين في تركيا أو مواطنين في سوريا.

من السهولة بمكان أن يحس المرء بالعجز في ظل هذه الظروف، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في المغترب، بيد أن الولايات المتحدة تتميز بنفوذ حكومتها وقوتها، وبفضل الديمقراطية التي يتمتع بها الشعب الأميركي ينبغي عليه أن يطالب حكومته بالقيام بما هو صحيح ومناسب بهدف مساعدة الشعب السوري.

حتى الآن، قدمت الولايات المتحدة 185 مليون دولار أميركي للمساعدة في جهود التعافي في تركيا وسوريا، ولكن إن رغب الرئيس بايدن بدعم الشعب السوري، فلا ينبغي للمساعدات الإنسانية أن تقف عند هذا الحد، بيد أن إدارته تراجعت عن التدخل في الأزمة السياسية بسوريا، وركزت عوضاً عن ذلك على تقديم المساعدات الإنسانية فحسب، ولكن مع عدم التوصل إلى حل سياسي، لا بد للمعاناة السورية أن تستمر، ولهذا ينبغي مطالبة الرئيس بايدن بتسخير رصيده السياسي والمالي لإنهاء الحرب السورية، وهذا ما طالب به الجميع مجلس الأمن الدولي عبر القرار 2254 الذي وقع في عام 2015، فالشعب السوري قد مهر توقيعه على ذلك القرار الذي يجب ألا يقف عند هذا الحد.

يحتاج الشعب السوري أيضاً للتأكد من وصول المساعدات الإنسانية لمن هم بأمس الحاجة إليها، أي إلى شمال غربي سوريا، وذلك لأن تلك المنطقة تخضع لسيطرة المعارضة، وعليه تحتاج الإغاثة الإنسانية حتى يتم تسليمها في تلك المنطقة للمرور عبر الحدود مع تركيا، وذلك لأن لا أحد يثق بوصول المساعدات المخصصة لأهالي هذه المنطقة إن تم تسليمها لقوات الأسد، واليوم صارت أمامنا ثلاثة معابر حدودية مفتوحة لتسليم المساعدات عبر الحدود مع تركيا، بيد أن الاستجابة ما تزال بطيئة وغير كافية، كما أن التفويض الأممي لتمرير المساعدات عبر تلك المعابر سينتهي في تموز المقبل، ولذلك ينبغي على الولايات المتحدة ومن يفكر مثلها من الدول أن تتصرف على الفور لتزيد من حجم المساعدات التي تصل إلى تلك المنطقة مع ضمان بقاء المعابر الحدودية مفتوحة خلال هذا الصيف.

يبقى التساؤل في الأذهان: لماذا استغرقت أول قافلة أممية 72 ساعة لتعبر الحدود إلى سوريا؟ إذ إن تلك القافلة لم تدخل البلد على الرغم من البنود الأمنية والقانونية التي تشملها إن فعلت ذلك، كما أن لديها تفويضا من قبل مجلس الأمن، ولهذا لا بد من فتح تحقيق بالموضوع.

ثمة مصيبة إنسانية تتوالى فصولها تباعاً في سوريا منذ 12 عاماً، بيد أن هذا الزلزال قد أتى ليزيد من الألم والحيف الواقع على السوريين، والرئيس بايدن لديه من السلطة ما يسمح بتخفيف المعاناة عن السوريين، كل السوريين، خاصة أولئك الذين نزحوا مرتين وعانوا كثيراً بسبب الزلزال، ولديه من السلطة ما بوسعه من خلالها أن يريح نفوس السوريين الآن أيضاً، وهم مايزالون على قيد الحياة، وليس بعد مماتهم، لذا، وبما أنه يقود العالم الحر، نجزم بأن إدارته مسؤولة أخلاقياً عن تنفيذ كل ذلك.

بتصرف من مقالة لرضوان زيادة عضو في المركز العربي وفي تجمع القاصين اللاجئين.

المصدر: The Hill